الأمة المسلمة اليوم من أقصاها إلى أدناها تبكي دما على ضعفها وهزلها، تبكي بكاء مرًا وهي تشاهد المجرم الأسد يقتل بأبنائها، والمجتمع الدولي يعد حصيلة المجازر التي يرتكبها يوميا بل ساعده بمسرحياته وهزلياته.
النظام المجرم يسابق الزمن، ولا يفوت دقيقة في القصف، والهدم والقتل. وهؤلاء ملؤوا الفضاء بتصريحات باردة وباهته تجعل الأسد يمارس الكثير من القتل؛ لكن النصر مع الكرب ومع العسر يسرا ( (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) ).
وهم منتصرون لا محالة مهما اشتدت عليهم الكرب وكثر القتل؛ لكن نحن الأمة المسلمة نتألم أشد الألم ونحن نشاهد أخواننا ينحرون بالسكاكين وتمزق أشلاءهم ومؤسسات العالم الدولية تمارس دور المتفرج.
وبما أن العالم تخاذل عنهم فعلينا أن نمدهم نحن الدول المسلمة بما يحتاجون من سلاح وما ل للقضاء على هذا النظام المجرم.
ورغم أن الأزمة السورية مؤلمة ومبكية للأمة المسلمة؛ إلا أنها لحظة تغيير وتشكيل للمنطقة برمتها فالأمة اليوم تتشكل وتتغير للأفضل وثمار التغيير يقطفها أبناء الأمة إن هم وعوا المرحلة وأدركوا عمق التغيير وعرفوا كيف يستغلوا الفرصة ويديروا الأزمة.
فالأمة اليوم بحاجة إلى أبنائها بحاجة إلى علمائها ودولها ورجالها المخلصين؛ بأن يسخروا كل ما يستطيعوا للنهوض والعودة إلى المكان اللائق بإمتنا وهو في مقدمة الأمم الرائدة الفاعلة المنتجة.
وبما أن الأمة اليوم تعيش لحظات من الإيمان والروحانية في هذا الشهر الكريم، فلعلنا نجعل من هذا الشهر الكريم فرصة للتغيير على مستوى الأفراد والمؤسسات والدول، فرمضان نعمة وهبة إلهية لنا؛ كي نعود إلى ربنا في هذا الشهر.
وأن نغتسل من ذنوبنا ومعاصينا ونعرّض أنفسنا لنفحات رحمة الله فأخطاؤنا كثيرة؛ لكن خير الخطائين التوابون، فهذا الشهر الكريم فرصة للتوبة والتخلص من كل العادات السيئة. روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ".
فمن معاني هذا الحديث أن أبواب الخير تفتح وأبواب الشر تغلق، والشياطين مصفدة ويضعف تأثيرها فالصوم جنة والنفس تعود إلى خيريتها وطبيعتها. فعلى المسلم أن يستغل هذه الفرصة للتوبة والتغيير إلى الأفضل فكل الظروف مهيأة للمسلم فـ (رغم أنف امرئ دخل عليه شهر رمضان، ثم خرج ولم يغفر له) ).
دعا جبريل وأمن عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم. فانفك يمرغ في التراب أن يمر عليك هذا الخير وهذا الفضل ولا تراجع وتحاسب نفسك وتتقرب وتتذلل لربك لعله أن يغفر لك فهذا الشهر هو شهر المغفرة مؤيد ومدعوم بنصوص صحيحة منها قوله صلى الله عليه وسلم:
((من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ماتقدم من ذنبه)) .
((من قام رمضان، إيمانا واحتسابا، غفر له ماتقدم من ذنبه)) .
((من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر لهما تقدم من ذنبه)) .
ونحن مقصرون ومن المؤسف أن يمر هذا الشهر على أبناء أمتنا، وهم في لهوهم، وعبثهم ولم يحدثوا أنفسهم بالعودة والتوبة، وأن يغيروا من طريقتهم، وأن يخصوا هذا الشهر بالمزيد من العبادة والتذلل والتقرب.
فرمضان موسم خير وفرصة للتقرب والتزود وعلى الأمة المسلمة أن تجعل منه فرصة للتجديد والتغيير والاغتسال من جميع الأقذاء والآثام فهزيمتها وضعفها هو من عمقها وداخلها لامن خارجها ( (قل هو من عند أنفسكم)) . ( (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك)) .
فما نحن فيه من ضعف وهزيمة، ومحن ومصائب نحن السبب فيها، ولن تزول هذه الكرب ونعود إلى قوتنا إلا بالتغيير والتوبة والعودة إلى الله ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ) . ورمضان هاهو الآن بيننا يفتح أبوابه ويطرح خيره وبركته..
فعلينا أن نستثمر وقته وأن نستغل خيره وفضله وأن نجعل منه فرصة للتغيير الجذري للأفضل وأن نستمر على ذلك بعده أسأل الله أن يوفقنا وأن يتقبلنا في هذا الشهر الكريم وأن يجعله شهر انتصارات وبطولات للجيش المجاهد الحر في سوريا وكذلك شهر هزيمة وذل وسقوط لجراثيم الفساد مرتزقة إيران وروسيا.
سطور أخيرة:
الحياة أيام، والعمر قصير، ورمضان زمن شريف، وشهر مقدس فيه ليلة خير من ألف شهر تعادل بضع وثمانين سنة، فعليك أن تحكم عقلك، وأن تراجع نفسك، وأن تحاسبها، وأن تخط اسمك في قائمة العائدين، والتائبين، والمتغيرين للأفضل في هذا الشهر الكريم.
الكاتب: خالد عبد العزيز الحماد
المصدر: موقع عودة ودعوة